فصل: قال ابن عطية في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله تعالى: {فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} إشارة إلى أن البعث يقع للناس جميعا في لحظة واحدة، حيث يولدون جميعا ميلادا كاملا، على صورة كاملة.
يجد فيها كل إنسان حواسّه ومدركاته، ووجوده كله.
قوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وإشراق الأرض بنور ربها، هو تجلّى اللّه سبحانه وتعالى عليها في هذا اليوم، يوم القيامة، حيث يعرض الناس على ربهم للحساب والجزاء.
وقوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتابُ} أي الكتاب الذي سجلت فيه أعمال الناس، حيث يرى الناس أعمالهم، ويأخذ كل إنسان كتابه من هذا الكتاب.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (29: الجاثية) وقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنْشُورًا} (13: الإسراء) وقوله تعالى: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ} أي دعى النبيون ليحضروا محاسبة أقوامهم، وليشهدوا على ما كان منهم، من إيمان أو كفر.
وفى هذا يقول اللّه تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} (1: 7 الإسراء).
ويقول سبحانه: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيدًا} (41: النساء).
والشهداء: هم الذين يشهدون على الناس، من أنبياء وملائكة، وعلماء وهداة، ودعاة إلى اللّه، وكذلك ما في كيان كل إنسان من أعضاء، تشهد عليه، كما يقول اللّه تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} (24: النور) وكما يقول سبحانه: {وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ} (21 ق).
والصورة تمثل محكمة عليا تقضى بين الناس، وتحدد لكل إنسان مصيره الذي هو صائر إليه.. والقائم على هذه المحكمة، هو أحكم الحاكمين رب العالمين.
والكتاب هو صحيفة الدعوى، والأنبياء والشهداء هم الشهود.. والمحامون، هم المحاكمون، والمحاسبون، كما يقول اللّه سبحانه: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها} (111: النحل).
ثم بعد هذا تصدر الأحكام من رب الأرباب: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.
قوله تعالى: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ}.
هو تعقيب على هذه المحاكمة، وأن كل نفس قد قضى لها أو عليها بالحق والعدل، وفّيت جزاء ما عملت من خير أو شر.
وقوله تعالى: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ} احتراس من أن يقع في الوهم أن هذه المحاكمة التي أحضر فيها الكتاب، واستدعى لها الشهود، قد جاءت على هذه الصورة لتكشف عن أعمال الناس، وكلّا، فإن اللّه سبحانه وتعالى عالم بكل ما يعملون، لا تخفى على اللّه منهم خافية.. ولكن ذلك ليرى الناس بأعينهم ما كان منهم، وليحاكموا أنفسهم، وليشهدوا عدل اللّه المطلق فيما أجرى عليهم من أحكام!. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} انتقال من إجمال عظمة القدرة يوم القيامة إلى تفصيلها لما فيه من تهويل وتمثيل لمجموع الأحوال يومئذٍ مما ينذر الكافر ويبشر المؤمن ويذكر بإقامة العدل والحق، ثم تمثيل إزجاء المشركين إلى جهنم وسوق المؤمنين إلى الجنة.
فالجملة من عطف القصة على القصة، ومناسبة العطف ظاهرة، وعبر بالماضي في قوله: {ونُفِخَ} وقوله: فَصَعِقَ مجازًا لأنه محقق الوقوع مثل قوله: {أتى أمر اللَّه} [النحل: 1]، ويجوز أن تكون الواو للحال بتقدير قد أي والحال قد نفخ في الصور، فتكون صيغة الماضي في فعلي نفخ وصَعق مستعملة في حقيقتها.
وابتدئت الجملة بحديث النفخ في الصور إذ هو ميقات يوم القيامة وما يتقدمه من موت كل حي على وجه الأرض.
وتكرر ذكره في القرآن والسنة.
والصور: بوق ينادى به البعيد المتفرق مثل الجيش، ومثل النداء للصلاة فقد كان اليهود ينادون به: للصلاة الجامعة، كما جاء في حديث بدء الأذان في الإسلام.
والمراد به هنا نداء الخلق لحضور الحشر أحيائِهم وأَمواتِهم، وتقدم عند قوله: {يوم ينفخ في الصور} في الأنعام (73).
وهو علامة لأمر التكوين، فالأحياء يصعقون فيموتون كما يموت المفزوع بالنفخة الأولى، والأموات يصعقون اضطرابًا تدبّ بسببه فيهم الحياة فيكونون مستعدين لقبول الحياة، فإذا نفخت النفخة الثانية حلّت الأرواح في الأجساد المخلوقة لهم على مثال ما بَلي من أجسادهم التي بليت، أو حلّتْ الأرواح في الأجساد التي لم تزل باقية غير بالية كأجساد الذين صعقوا عند النفخة الأولى، ويجوز أن يكون بين النفختين زمن تبلَى فيه جميع الأجساد.
والاستثناء من اسم الموصول الأول، أي إلا مَن أراد الله عدم صعقه وهم الملائكة والأرواح، وتقدم في سورة النمل (87) {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض}.
و{ثم} تؤذن بتراخي الرتبة لأنها عاطفة جملة، ويجوز أن تفيد مع ذلك المهلَةَ المناسبة لما بين النفختين.
و{أُخْرى} صفة لمحذوف، أي نفخة أخرى، وهي نفخة مُخالفٌ تأثيرُها لتأثير النفخة الأولى، لأن الأولى نفخة إهلاك وصعق، والثانية نفخة إحياء وذلك باختلاف الصوتين أو باختلاف أمرَيْ التكوين.
وإنما ذكرت النفخة الثانية في هذه الآية ولم تذكر في قوله في سورة النمل (87) {ويوم ينفخ (1) في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللَّه وكل أتوه داخرين} لأن تلك في غرض الموعظة بفناء الدنيا وهذه الآية في غرض عظمة شأن الله في يوم القيامة، وكذلك وصف النفخة بالواحدة في سورة الحاقة (13، 15) {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة} وذكرت هنا نفختان.
وضمير {هُم} عائد على {من في السموات ومن في الأرض} فيما بقي من مفهومه بعد التخصيص ب {إلا مَن شاء الله} وهم الذين صعقوا صعق ممات وصَعْق اضطراب يهيأ لقبول الحياة عند النفخة.
و{إذا} للمفاجأة للتنبيه على سرعة حلول الحياة فيهم وقيامهم إثره و{قيام} جمع قائم.
وجملة {يَنظُرُونَ} حال.
والنظرُ: الإِبصار، وفائدة هذه الحال الدلالة على أنهم حَيُوا حياة كاملة لا غشاوة معها على أبصارهم، أي لا دهش فيها كما في قوله تعالى: {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون} في سورة الصافات (19)، أو أريد أنهم ينظرون نظر المقلّب بصره الباحث.
ويجوز أن يكون من النظرة، أو الانتظار.
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)} صوَّرت هذه الآيات جلال ذلك الموقف وجمالَه أبدع تصوير والتعريف في {الأرض} تعريف العهد الذكري الضمني فقد تضمن قوله: {فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68] أنهم قيام على قَرار فإن القيام يستدعي مكانًا تقوم فيه تلك الخلائق وهو أرض الحشر وهي الساهرة في قوله تعالى في سورة [النازعات: 13، 14]: {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة} وفُسرت بأنها الأرض البيضاء النقية وليس المراد الأرض التي كانوا عليها في الدنيا فإنها قد اضمحلت قال تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} [إبراهيم: 48].
وإشراق الأرض انتشار الضوء عليها، يقال: أشرقت الأرض، ولا يقال: أشرقت الشمسُ، كما تقدم عند قوله: {بالعشي والإشراق} في سورة [ص: 18].
وإضافة النور إلى الرب إضافة تعظيم لأنه منبعث من جانب القدس وهو الذي في قوله تعالى: {اللَّه نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} الآية من سورة [النور: 35].
فإضافة نور إلى الرب إضافة تشريف للمضاف كقوله تعالى: {هذه ناقة اللَّه لكم آية} [الأعراف: 73] كما أن إضافة رب إلى ضمير الأرض لتشريف المضاف إليه، أي بنور خاص خلقه الله فيها لا بسطوع مصباح ولا بنور كوكب شمس أو غيرها، وإذ قد كان النور نورًا ذاتيًا لتلك الأرض كان إشارة إلى خلوصها من ظلمات الأعمال فدل على أن ما يجري على تلك الأرض من الأعمال والأحداث حق وكمال في بابه لأن عالم الأنوار لا يشوبه شيء من ظلمات الأعمال، ألا ترى أن العالم الأرضي لمّا لم يكن نَيِّرًا بذاته بل كان نوره مقتبسًا من شروق الشمس والكواكب ليلًا كان ما على وجه الأرض من الأعمال والمخلوقات خليطًا من الخير والشر.
وهذا يغني عن جعل النور مستعارًا للعدل فإن ذلك المعنى حاصل بدلالة الالتزام كناية، ولو حُمل النور على معنى العدل لكان أقل شمولًا لأحوال الحق والكمال وهو يغني عنه قوله: {وقُضِي بينهم بالحق وهم لا يُظلمون}.
هذا هو الوجه في تفسير الآية وقد ذهب فيها المفسرون من السلف والخلف طرائق شتى.
و{الكِتَاب} تعريفُه تعريف الجنس، أي وضعت الكُتب وهي صحائف أعمال العباد أحضرت للحساب بما فيها من صالح وسيّىءٍ.
والوضع: الحطّ، والمراد به هنا الإِحضار.
ومجيء النبيئين للشهادة على أممهم، كما تقدم في قوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} في سورة [النساء: 41].
والشهداء: جمع شهيد وهو الشاهد، قال تعالى: {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} في سورة [ق: 21].
والمراد الشهداء من الملائكة الحفظة الموكلين بإحصاء أعمال العباد.
وضمير {بينَهُم} عائد إلى {مَن في السَّموات ومن في الأرض} [الزمر: 68] أي قضي بين الناس بالحق.
ويجوز أن يكون المراد بالكتاب كتب الشرائع التي شرعها الله للعباد على ألْسنة الرسل ويكون إحضارها شاهدة على الأمم بتفاصيل ما بلَّغه الرسل إليهم لئلا يزعموا أنهم لم تبلغهم الأحكام.
وقد صوَّرت الآية صورة المَحْكمة الكاملة التي أشرقت بنور العدل، وصدر الحكم على ما يستحقه المحكوم فيهم من كرامة ونذالة، ولذلك قال: {وقضي بينهم بالحق} أي صدر القضاء فيهم بما يستحقون وهو مسمى الحَق، فمِن القضاء ما هو فصل بين الناس في معاملات بعضهم مع بعض من كل ظالم ومظلوم ومعتدٍ ومعتدىً عليه في اختلاف المعتقدات واختلاف المعاملات قال تعالى: {إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} [النحل: 124].
ومن القضاء القضاء على كل نفس بما هي به حقيقة من مرتبة الثواب أو العقاب وهو قوله: {ووفيت كل نفس ما عملت}.
فقضاء الله هو القضاء العام الذي لا يقتصر على إنصاف المتداعين كقضاء القاضي، ولا على سلوك الداعرين كقضاء والي الشرطة، ولا على مراقبة المُغَيِّرين كقضاء والي الحِسبة، ولكنه قضاء على كل نفس فيما اعتدت وفيما سلكت وفيما بدلت، ويزيد على ذلك بأنه قضاء على كل نفس بما اختَلَتْ به من عمل وبما أضمرته من ضمائر إنْ خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ.
وإلى ذلك تشير المراتب الثلاث في الآية: مرتبةُ {وقُضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون} ومرتبة {ووفّيت كُلُّ نَفْسسٍ ما عَمِلت} ومرتبة {وهو أعلم بما يفعلون}.
والتوفية: إعطاء الشيء وافيًا لا نقص فيه عن الحق في إعطائه ولا عن عطاء أمثاله.
وفي قوله: {مَا عَمِلت} مضاف محذوف، أي جزاء ما عملت لظهور أن ما عمله المرء لا يوفاه بعد أن عمله وإنما يوفى جزاءه.
والقول في الأفعال الماضوية في قوله: {وأشرقت} {ووضع} {وجاء} {ووفيت} كالقول في قوله: {ونُفِخَ في الصور} [الزمر: 68]. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيات السابقة:

{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)} ذكر الله تعالى المتقين ونجاتهم ليعادل بذلك ما تقدم من ذكر الكفرة، وفي ذلك ترغيب في حالة المتقين، لأن الأشياء تتبين بأضدادها.
وقرأ جمهور القراء: {بمفازتهم} وذلك على اسم الجنس، وهو مصدر من الفوز. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكسر عن عاصم: {بمفازاتهم} على الجمع من حيث النجاة أنواع، الأسباب مختلفة وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي عبد الرحمن والأعمش، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: وينجي الله الذين اتقوا بأسباب أو بدواعي مفازاتهم. قال السدي: {بمفازتهم} بفضائلهم. وقال ابن زيد بأعمالهم.
وقوله تعالى: {الله خالق كل شيء} كلام مستأنف دال على الوحدانية، وهو عموم معناه الخصوص. والوكيل: القائم على الأمر، الزعيم بإكماله وتتميمه. والمقاليد: المفاتيح، وقال ابن عباس، واحدها مقلاد، مثل مفتاح، وفي كتاب الزهراوي: واحد المقاليد: إقليد، وهذه استعارة كما تقول بيدك يا فلان مفتاح هذا الأمر، إذا كان قديرًا على السعي فيه. وقال السدي: المقاليد الخزائن، وهذه عبارة غير جيدة، ويشبه أن يقول قائل: المقاليد إشارة إلى الخزائن أو دالة عليها فيسوغ هذا القول، كما أن الخزائن أيضًا في جهة الله إنما تجيء استعارة، بمعنى اتساع قدرته، وأنه يبتدع ويخترع، ويشبه أن يقال فيما قد أوجد من المخلوقات كالريح والماء وغير ذلك إنها في خزائنه، وهذا كله بتجوز على جهة التقريب والتفهيم للسامعين، وقد ورد القرآن بذكر الخزائن، ووقعت في الحديث الصحيح في قوله عليه السلام: «وما فتح الليلة من الخزائن» والحقيقة في هذا غير بعيدة، لكنه ليس باختزان حاجة ولا قلة قدرة كما هو اختزان البشر. وقال عثمان رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن {مقاليد السماوات والأرض} فقال: «لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول لا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير».
وقوله: {أفغير} منصوب ب {أعبد} كأنه قال: أفغير الله أعبد فيما تأمروني؟ ويجوز أن يكون نصبه ب {تأمروني} على إسقاط أن، تقديره أفغير الله تأمروني أن أعبد.
وقرأت فرقة: {تأمرونني} بنونين، وهذا هوا الأصل. وقرأ ابن كثير: {تأمرونِّيَ} بنون مشددة مكسورة وياء مفتوحة. وقرأ ابن عامر: {تأمروني} بياء ساكنة ونون مكسورة خفيفة، وهذا على حذف النون الواحدة وهي الموطئة لياء المتكلم، ولا يجوز حذف النون الأولى وهو لحن لأنها علامة رفع الفعل، وفتح نافع، الياء على الحذف فقرأ: {تأمروني} وقرأ الباقون بشد النون وبسكون الياء.